"السور الواقي".. إصدار جديد يرصد مراحل الانتفاضة الفلسطينية

"السور الواقي".. إصدار جديد يرصد مراحل الانتفاضة الفلسطينية
"السور الواقي".. إصدار جديد يرصد مراحل الانتفاضة الفلسطينية
عمان- صدر عن شركة دار التقدم العربي للطباعة والنشر، والدار الوطنية الجديدة، كتاب بعنوان "السور الواقي"، لمجموعة من المؤلفين هم؛ قيس عبد الكريم، فهد سليمان، رمزي رباح ومعتصم حمادة.اضافة اعلان
يتناول الكتاب واحدة من المراحل شديدة التعقيد في حياة الانتفاضة الفلسطينية؛ حيث تصدت للعدوان الإسرائيلي الواسع، المسمى "حملة السور الواقي"، ومن خلالها أعادت إسرائيل احتلال الضفة الفلسطينية ووقفت على أعتاب اجتياح مماثل لقطاع غزة، إلا أن عددا من العوامل، من أهمها الاستعدادات العالية للقطاع لخوض معركة مكلفة ضد العدوان، حالت دون ذلك، وبات واضحا أن حملة السور الواقي شكلت محطة بارزة في حياة الانتفاضة، وفي مسيرة النضال الوطني الفلسطيني نحو الاستقلال والعودة، بكل ما حملته في طياتها من وقائع ومعان ودروس واستخلاصات ونتائج ميدانية وسياسية.
يوضح الكتاب أن بداية 29/3/2003، دخلت المواجهة الفلسطينية-الإسرائيلية مرحلة جديدة تميزها عما سبقها منذ اندلاع الانتفاضة من مواجهات، انتقلت بها من أسلوب المعارك والاعتداءات التي تتخللها فترات توقف إلى أسلوب الحرب التي تدار منهجيا على مختلف المحاور حتى بلوغ أهدافها المعلنة، ومع استمرار العدو في حربه العدوانية وتصعيدها، فقد نحى جانبا المناورة وأفصح بوضوح عن أهدافه التي يمكن اختزالها بما يلي "إعادة الاحتلال بأشكاله المباشرة، شطب معظم ما سبق أن حققته العملية السياسية، على تعثرها، منذ أوسلو، وبالذات السيطرة الفلسطينية على المدن وتدمير بنى السلطة التي تشكلت بما هي بنى "لدولة ناقص"، لا تكتمل سماتها إلا بتوفير تلك المقومات التي تسمح لها ببسط سيادتها على رقعة مترابطة من الأرض، مساحة وشعبا ومقدرات ومعابر تطل على العالم الخارجي، وهذا ما كان يفترض، من منظور الطموح الفلسطيني كما عبر عنه فريق أوسلو، أن يتحقق من خلال ما سمى بالمفاوضات حول الحل الدائم وفور استكمال عناصر هذا الحل".
يقول الناشرون، إن هذا الكتاب يخصص لمعالجة هذه المحطة، ويعد مهما في سياق رصد للحركة الكفاحية للشعب الفلسطيني، فقد جاء الكتاب في أربعة فصول، يتناول الأول "حملة السور الواقي"، وهو إلى جانب عرضه لوقائع الحملة وقراءته لأهدافها، يضع أمام الحركة الوطنية وعموم الشعب الفلسطيني متطلبات الصمود الوطني للمرحلة اللاحقة، فالحملة المذكورة ليست مجرد عمل عسكري ينظر إليه مسلوخا عن سياقه "التاريخي"، إن جاز التعبير، عن مقدماته واستحقاقاته الفلسطينية.
ومن بين متطلبات الصمود هذه، إطلاق مشروع للإصلاح الوطني والتغيير الديمقراطي، باعتباره شرطا لازما، من دونه يظل الحديث عن الصمود وضرورته مجرد دعوات تبشيرية أو عبارات يجري تكرارها، تفقد مع مرور الزمن سحرها وبريقها، وفي السياق نفسه، يحاول هذا الفصل أن يقرأ جانبا خطيرا من أهداف "حملة السور الواقي"، وهو المتعلق بالاستيطان الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والتي تحتل منذ فجر الصراع مع المشروع الصهيوني موقعها المحوري.
ويقدم هذا الفصل قراءة ناقدة لموقف قمة بيروت العربية "آذار/ مارس 2002"، من قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة، ولعله الموقف الوحيد ربما الذي تجرأ ونظر لقضية اللاجئين في "مبادرة السلام العربية"، نظرة نقدية جادة، في ظل الترحيب الذي لقيته هذه المبادرة باعتباره خطوة عربية جديدة نحو تسوية متوازنة في المنطقة للصراع العربي الإسرائيلي.
فيما جاء الفصل الثاني بعنوان "الإدارة الأميركية والقضية الفلسطينية"، يرصد هذا الفصل سياسة البيت الأبيض في ظل الإدارة الجمهورية للرئيس بوش، وحتى تاريخ 24/6/2002، حين ألقى خطابه الشهير الذي دعا فيه إلى دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل كحل نهائي للصراع في المنطقة، وهو الأمر الذي مهد لولادة "خريطة الطريق".
أهمية هذا الفصل تكمن في أنه يشكل قراءة موضوعية، خارج أي مواقف مسبقة، للسياسة الأميركية في المنطقة، بتأثيراتها وتداعياتها الملموسة على مجمل السياسات الإقليمية، ونفترض أن مثل هذه القراءة باتت لازمة كواحدة من أدوات المعرفة الضرورية في الحياة السياسية الفلسطينية، خاصة في ظل ما شهدته السياسة الأميركية من تحولات في ظل القيادة الجمهورية للرئيس بوش، وعلى ضوء الفشل الذي انتهى إليها سلفه كلينتون في فرض مقترحاته أساسا لاتفاق سلام فلسطيني-إسرائيلي. ولا يكفي، والحال هكذا، الاكتفاء بالقول إن ثمة "تطورا"، وانحيازا في السياسة الأميركية في المنطقة لصالح الجانب الإسرائيلي، لذلك يحاول هذا الفصل قراءة ملامح هذا التطور، ورصد الحدود الحقيقية للانحياز الأميركي، منطلقا من مراجعة مدققة لتوالي المواقف والمقترحات الأميركية، كما جرى التعبير عنها في التقارير وأوراق العمل المختلفة والخطابات المتعددة للرئيس بوش ووزير خارجيته كولن باول.
أما الفصل الثالث الذي جاء بعنوان "في الانتفاضة قبل 11/9"، فينطلق من التفجيرات الطائرة في نيويورك وواشنطن، كمحطة فاصلة في العلاقات الدولية، لها ما قبلها ولها ما بعدها من تطورات وتداعيات وقواعد في رسم العلاقات السياسية والقرارات الدولية في القضايا الكبرى، ومن بينها بالطبع القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، في هذا الفصل وقفة أمام "الانتفاضة وأسئلتها المصيرية"، باعتبارها حركة سياسية كفاحية لشعب مناضل وذات أهداف محددة، يحتاج تحقيقها إلى رسم استراتيجية واضحة، وتكتيكات دقيقة، وآليات عمل مدروسة، خاصة وأن ميدان الانتفاضة حفل بتنوعات واسعة من الخطاب السياسي.
ذهب البعض في مواقفه إلى حد اعتبار الانتفاضة "وفي السياق المقاومة المسلحة"، هدفا في حد ذاته، أو حمل هذه الانتفاضة ما هو مطروح على أكتاف العمل الوطني الفلسطيني، في بعده الأشمل، من أهداف استراتيجية بعيدة المدى، تنتمي لمراحل كفاحية لم تتبلور معطياتها بعد، متجاهلا في الوقت ذاته، الأهداف المباشرة، تحت ذرائع ومسميات شتى.
أما الفصل الرابع، وهو بعنوان "في الانتفاضة بعد 11/9"، فهو يشكل استكمالا لما قبله، يضع أحداث 11/9 في سياقها الحقيقي، محاولا "ألا تكون الانتفاضة ثمنا لقيام التحالف الدولي"، ضد ما يسمى بالإرهاب، متوقفا أمام مجموعة من المبادرات، من بينها، على سبيل المثال، مبادرة وزير خارجية "حكومة الاتحاد الوطني" الإسرائيلي شمعون بيريس، ومحاولا في الوقت نفسه ارتياد "آفاق الحل التفاوضي"، متوقفا في السياق "أمام منعطف البرنامج السياسي الموحد"، بما في ذلك قراءة "الانتفاضة في السياسة العربية الرسمية والإعلام".
ومما يجدر ذكره أن الفصول الثلاثة الأخيرة، تشكل فيما بينها إطارا متكاملا لقراءة السياسة الأميركية في المنقطة بتطوراتها المختلفة ومدى قدرة الانتفاضة على "تجديد" نفسها في ظل هذه التطورات، والتزاما بأسلوب اتبعته الكتب الصادرة في إطار سلسلة "طريق الاستقلال".
حرص أصحاب هذا الكتاب على إغنائه بعدد واسع من الوثائق والملاحق المهمة، بما هي عامل مساعد للقارئ المتابع والباحث المدقق، على الإمساك بالمفاصل الرئيسية للحدث السياسي الفلسطيني؛ وكلهم أمل أن يكونوا قد وفقوا في ذلك.