‏حملة إسرائيل على (الأونروا) تفشل‏ تماما

شاخصة مقر الـ"أونروا" في منطقة صور اللبنانية - (أرشيفية)
شاخصة مقر الـ"أونروا" في منطقة صور اللبنانية - (أرشيفية)

بينوي كامبمارك‏ - (ميدل إيست مونيتور)2024/4/28

 

في النتائج التي توصل إليها التحقيق بشأن مزاعم إسرائيل بوجود أعضاء من حماس في وكالة إغاثة الفلسطينيين، تبين أن لدى (الأونروا) "عدد كبير من الآليات والإجراءات لضمان الامتثال للمبادئ الإنسانية، مع التركيز على مبدأ الحياد، وأنها تمتلك نهجا أكثر تطورا للحياد من غيرها من كيانات الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية المماثلة".‏
*   *   *
‏تبين أن السلطات الإسرائيلية، في حملتها المتمثلة في القتل بلا رحمة، والتلاعب بأعداد السكان الفلسطينيين وتعديلها لأي مستقبل ينتظرهم، تفتقر إلى أي أدلة على الاتهامات بأن "إرهابيي حماس" عبأوا وتكدسوا وملأوا صفوف (الأونروا)، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.‏

اضافة اعلان

 


لا يعني الأمر أن ذلك، في حد ذاته، ينفي الحاجة إلى إطعام الفلسطينيين الذين يجري إسقاطهم في غياهب النسيان وكسوتهم وتقديم المساعدة الطبية لهم. أو تجنب ارتكاب جرائم حرب ضدهم. أو تجنب تجويعهم وإذلالهم وإهانتهم من خلال الأوامر الإدارية والقمع البيروقراطي.

 

وفق أي تقدير، لا تدمر التفاحات الفاسدة المحصول بأكمله، وسيظل في حاجة إلى القطاف.‏


منذ البداية، أكدت إسرائيل أن 12 من مثل هؤلاء الأفراد في (الأونروا) شاركوا في هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) التي شنتها "حماس"، ‏‏وتشاركت مع وسائل الإعلام التفاصيل المتفرقة‏‏ في 29 كانون الثاني (يناير). وشرع المتلقون الممتنون للفضيحة المزعومة في التهام اللقمة الرقيقة المكونة من بضع صفحات.

 

على سبيل المثال، ‏‏كتبت‏‏ ‏‏صحيفة الـ"فاينانشال تايمز"‏‏ عن أن وزارة الخارجية الإسرائيلية لديها "شيء متفجر على أجندتها"، حتى لو كان 12 مشتبهًا بهم من أصل 13.000 من موظفي الوكالة في غزة بالكاد يحدثون أثرا في أي ظرف آخر.‏


‏وجمدت خمس عشرة حكومة مانحة، في نوبة من الغضب الأخلاقي الممطوط، التمويل الموعود، وأصرت على قيام المنظمة بإجراء تحقيقات.

 

وبدأ مكتب خدمات الرقابة الدولية التابع للأمم المتحدة على الفور تحقيقًا بينما تم حجب 444 مليون دولار عن وكالة إغاثة لطالما ساعدت الفلسطينيين المحرومين على مدى ثلاثة أرباع قرن.‏


في 5 شباط (فبراير)، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن لجنة مستقلة ستقوم بتقييم "ما إذا كانت الوكالة تبذل كل ما في وسعها لضمان الحياد والرد على مزاعم الانتهاكات الجسيمة عند ارتكابها".

 

وأصدرت اللجنة، التي ترأستها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، كاثرين كولونا، والتي ضمت أيضًا عمل كل من "معهد راؤول والنبرغ" في السويد، و"معهد كري ميشيلسن" في النرويج، و"المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان"، مكتشفاتها في 22 نيسان (أبريل).‏


‏واتسم ‏‏التقرير الكامل‏‏، المعنون "استعراض مستقل للآليات والإجراءات لضمان التزام (الأونروا) بمبدأ الحياد الإنساني"، بغياب تام للتعاون من جانب السلطات الإسرائيلية. ومات في صمت طلبان قدمتهما لجنة التحقيق التي قادتها كولونا في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) للحصول على أسماء وتفاصيل لدعم مزاعم إسرائيل.‏


‏وفي النتائج التي توصل إليها التقرير، تبين أن لدى (الأونروا) "عدد كبير من الآليات والإجراءات لضمان الامتثال للمبادئ الإنسانية، مع التركيز على مبدأ الحياد، وأنها تمتلك نهجا أكثر تطورا للحياد من غيرها من كيانات الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية المماثلة".‏


كما أشار التقرير إلى أن قوائم الموظفين، التي تشمل الأسماء والوظائف، يتم تقاسمها على أساس سنوي مع لبنان والأردن وسورية وإسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالقدس الشرقية وغزة والضفة الغربية.

 

ويقع على عاتق الدول المعنية "تنبيه (الأونروا) بشأن أي معلومات قد تعتبر موظفًا ما غير جدير بالحصانة الدبلوماسية". كما يذهب التقرير أيضا إلى الإشارة إلى أن "الحكومة الإسرائيلية لم تبلغ (الأونروا) بأي مخاوف تتعلق بأي من موظفي (الأونروا) بناء على قوائم الموظفين هذه منذ العام 2011".

 

وفيما يتعلق بقائمة آذار (مارس) 2024، أطلقت إسرائيل مزاعم علنية "بأن عددًا كبيرًا من موظفي (الأونروا) هم أعضاء في منظمات إرهابية. ومع ذلك، لم تقدم إسرائيل بعد أي أدلة داعمة على ذلك".‏


‏ولا يتجاهل التقرير التحديات التي تواجه الوكالة في قطاع غزة، والتي أصبحت أكثر تعقيدًا منذ أن تولت "حماس" زمام الأمور في القطاع في عام 2007.

 

ووجد بوجه عام أن الوكالة كانت جديرة بالإعجاب في الحفاظ على حيادها في مثل هذه الظروف العصيبة، على الرغم أنه حدد ثمانية "مجالات حاسمة" للتحسين، من بينها معالجة حياد التعليم، والموقف السياسي لنقابات الموظفين، والموظفين وسلوكهم، والإدارة وآليات الرقابة الداخلية.

 

وعلى سبيل المثال، لم يتبين أن مدارس (الأونروا) تشكل أرضا خصبة لمعاداة السامية، على الرغم من أن بعض "الكتب المدرسية في البلد المضيف ذات المحتوى الإشكالي" تستخدم فيها. ومن غير المرجح أن يتم اقتراح مجالات أخرى تحتاج إلى تصحيح، نظرًا للحاجة إلى التعاون الإسرائيلي.‏


‏وكما يشير الملخص التنفيذي للتقرير، فإنه "في غياب حل سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، تظل (الأونروا) محورية في تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة والخدمات الاجتماعية الأساسية، وخاصة في مجالي الصحة والتعليم، للاجئين الفلسطينيين في غزة والأردن ولبنان وسورية والضفة الغربية".‏


‏وعلى الرغم من رفض إسرائيل تقديم أي دليل قوي، فإنها كانت تمهد الطريق مسبقا لرفض وتفنيد المكتشفات قبل إعلان التقرير. وقررت أنه سيتم تجاهل أي نتائج يصل إليها بإصرار المتعصب.

 

وفي حين أن البلد يقفز عن كل فرصة لإجراء تحقيقات في سوء سلوكه العسكري على الفور وبلا تأخير، مع التبرئة الحتمية، لن تقنع مسؤوليه أي مراجعة خارجية. لا شيء أقل من تدمير الوكالة يمكن أن يلبي أهداف الدولة الإسرائيلية.‏


‏في آذار (مارس)، نقلت ‏‏صحيفة "الغارديان‏‏" ‏‏عن‏‏ مصدر دبلوماسي إسرائيلي (لم يُذكر اسمه، بطبيعة الحال) قوله أن هناك "لعبة مزدوجة" تلعبها "حماس" والوكالة، "لدرجة أن (الأونروا) هي أحد الأصول الإستراتيجية لـحركة حماس".

 

ورأى مصدر دبلوماسي آخر لم يذكر اسمه أن وكالة الإغاثة "تم اختراقها في غزة، ولا يمكن إصلاحها.

 

هذه هي سياسة دولة إسرائيل. نريد أن نرى نهاية لنشاط (الأونروا) في غزة. هذه ليست حالة عدد قليل من التفاح الفاسد. إنه شيء منهجي ومتسق ولا يمكن تجاهله". خارج، على ما يبدو، مع البستان بأكمله.‏


‏بذلك، يمكن للافتراض أن يأخذ موقف الحقيقة الثابتة، وهي نقطة تم عرضها بوضوح الكريستال في جولة أخرى من الادعاءات (لم يتم تقديم أي دليل على ذلك أيضًا) بأن 2.135 من موظفي (الأونروا) كان من المفترض أنهم أعضاء في "حماس"، منهم 400 زُعم أنهم مقاتلون نشطون.‏


‏من وجهة نظر دعاة الحرب النافذين، ما تزال (الأونروا) تشكل عقبة ومصدر إزعاج وكابوس تذكير لأولئك الذين يرغبون في الانتهاء من القضية الفلسطينية مرة واحدة وإلى الأبد.

 

آمل وأدعو أن تستمر الوكالة في الازدهار، وآمل أكثر من أي وقت مضى أن يدرك ممولوها أخيرا حقيقة أنه في ظل وحشية الصراع، لا ينبغي أبدًا أن يدفع المدنيون ثمن الأعمال العسكرية التي يقوم بها الآخرون.

 

لسوء الحظ، بعد ثلاثة أشهر من معاقبة (الأونروا)، والمجاعة من عمل الإنسان التي تجتاح غزة حتى بينما تستمر عمليات القتل، ما تزال العديد من الدول المانحة، مثل الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة، تهتم بمحافظها وليس بأي شيء آخر.‏


*د. بينوي كامبمارك Dr. Binoy Kampmark: كان باحثًا في شؤون الكومنولث في كلية سلوين، كامبريدج. يحاضر حاليًا في جامعة معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا (RMIT).‏


*نشر هذا المقال تحت عنوان: Israels Anti UNRWA Campaign Falls Flat

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

  لماذا الحملة لإلغاء (الأونروا)؟ ‏