"المنتجات الجرشية".. كيف تتطور نمطية الإنتاج والتسويق التقليدية لتحقيق الاستدامة؟

منتجات جرشية معروضة في احد المهرجانات التسويقية التي اقيمت سابقا-(الغد)
منتجات جرشية معروضة في احد المهرجانات التسويقية التي اقيمت سابقا-(الغد)

جرش- ما تزال المنتجات الجرشية، من صناعات غذائية، وملابس تراثية، ومواد تجميلية طبيعية، وتحف ومشغولات يدوية، والتي تقوم عليها جمعيات خيرية وأسر منتجة، تنتج وتسوق بطرق نمطية تقليدية، ما جعلها بعيدة عن تحقيق الاستدامة، وعدم القدرة على تجاوز تحديات الأحداث الاقتصادية والسياسية التي تمر بها المنطقة، بدءا من جائحة كورونا وصولا إلى العدوان على غزة. 

اضافة اعلان


أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها المنتجون، هو ضعف القدرة على تسويق منتجاتهم، في ظل منافسة شديدة وتغيرات أساليب التسويق. 


بالإضافة إلى ذلك، تعاني هذه الجمعيات من نقص الموارد المالية والخبرات التقنية، مما يجعل من الصعب على أفرادها تحديث عمليات الإنتاج، وتبني أساليب تسويق حديثة.


ويرى مهتمون وأصحاب جمعيات في هذا الشأن، أن بقاء عمل المنتجين في جرش على نحو تقليدي، لن يمكنهم من تجاوز التحديات الصعبة التي تواجههم، وسيبقى إنتاجهم رهن الأحداث، ليس أقلها تراجع الحركة السياحية التي يعتمد عليها كنافذة تسويق رئيسة. 


ويقترح هؤلاء، أن الخروج من أزمات التسويق، وزيادة القدرة التنافسية للمنتج الجرشي، يتطلب تسليح القائمين على الإنتاج، بمهارات تطوير منتجهم وطريقة تسويقة، وذلك من خلال إعطائهم دورات تدريبية من قبل خبراء في هذا المجال.     


هذا الاقتراح يأتي في وقت، تعاني فيه المنتجات الجرشية، ومنذ مدة، أزمة تسويق، نتيجة تدني أعداد السياح القادمين إلى جرش، وغياب تام للمهرجانات التسويقية، بسبب الأحداث الأمنية والسياسية الدائرة بالمنطقة.   


فلم تعد فرصة عرض المنتج الجرشي أمام السياح أو الزوار موجودة كما كانت عليه سابقا، في وقت تتكدس فيه العديد من المنتجات بانتظار تسويقها.  


ووفق رئيسة إحدى الجمعيات يسرية العياصرة، فإن أكبر نسبة من العاملين في هذه الصناعات الغذائية، من السيدات أعضاء الجمعيات الخيرية والتعاونية في محافظة جرش، ويعملن في إطار ضيق وطرق قديمة، وبمواد أولية، ومدة صلاحية بسيطة، وتحتاج هذه المهن إلى تطوير وتحديث وتعزيز وتسويق لضمان استدامة العمل. 


وقالت العياصرة، إن جميع أعضاء الجمعيات الخيرية والتعاونية من أنشط السيدات المنتجات، ومعظمهن معيلات لأسرهن، ويعتمدن على العمل اليدوي والأشغال المهنية في توفير مصادر دخل لأسرهن، وأهم المعضلات التي تواجه السيدات العاملات في بيوتهن هي تسويق هذه المنتوجات، وتطوير أسلوب الإنتاج التقليدي، فضلا عن ضرورة تحديث الصناعات بما يتناسب ومتطلبات السوق.


وتعتقد، أن السيدات أصبحن بحاجة إلى طرق تسويقية جديدة، تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن معظم المنتجات، لا يمتلكن هذه المهارة، وبقاء الاعتماد على المهرجانات في التسويق، أصبح غير ممكن وغير متاح، نظرا للظروف التي تمر بها المنطقة.


وأوضحت أن الأوضاع السياسية تسببت في تراجع القدرة المادية للمواطنين، وحولت آلاف الأسر من منتجة إلى محتاجة، فضلا عن توقف الفعاليات والمهرجانات والأحداث والمناسبات كافة التي كانت تتميز بها محافظة جرش، وكانت نافذة تسويقية مهمة، وتتكدس حاليا منتوجات في مخازن الجمعيات من دون تسويق.


وتقول عضو جمعية بجرش، جمانة الكردي، إنها تعمل على إنتاج الصابون بمختلف أنواعه، ومواد التجميل الطبيعية الأخرى، ومنذ أشهر طويلة، وهي تواجه مشاكل تسويقية.


وأوضحت أنها تلقت منذ سنوات دورات تدريبية وتأهيلية في إنتاج أنواع مختلفة من مواد التجميل، وما تزال تعمل بالنظام القديم، مؤكدة أن عمليات التصنيع والتسويق للمنتج الجرشي بمختلف أنواعه، تحتاج حاليا إلى تطوير، من خلال تدريب وتنمية المهارات والخبرات التي يمتلكها المنتجون لضمان استمرارية العمل وضمان تسويقه واستحداث طرق تسويقية جديدة ومطورة.


وبينت أن ضعف القوى الشرائية، تسبب في إغلاق العديد من المهن والحرف اليدوية التي كانت تعتمد عليها مئات من السيدات في توفير مصادر دخل لأسرهن، كصناعة منتوجات الأعشاب الطبية وصناعة المطرزات والأثواب والألبسة التراثية.


من جانبه، قال رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية في جرش زيد زبون، إن الجمعيات الخيرية وعددها لا يقل عن 144 جمعية خيرية، فضلا عن عشرات الجمعيات التعاونية، أسهمت في توفير فرص عمل وإعالة آلاف الأسر من خلال العمل في ما يعرف بـ"الإنتاج المنزلي"، غير أن الظروف السياسية والاقتصادية والسياحية الراهنة، تسببت في تعطل عمل السيدات، وتراجعت فرص التسويق، في ظل غياب عمليات تطوير مهارات الإنتاج والتسويق، وأغلق ذلك المئات من مشاغل الإنتاج التي تعود لأسر محدودة الدخل كانت تعتمد بشكل كبير على هذه المهن لتوفير مصدر دخل، خاصة المشاريع التي تديرها السيدات.


وطالب بأن يتم دعم الجمعيات الخيرية من خلال رفدها بمدربين وخبراء ومشاريع تمويلية، لغاية دعم فرص العمل المتوفرة، وفتح مشاريع إنتاجية جديدة توفر فرص عمل لأبناء المحافظة، وخاصة في ظل تزايد الفقر والبطالة، بسبب الظروف الإقتصادية، وقلة فرص العمل وانعدام المشاريع الاقتصادية والاستثمار ية في جرش. 


ويعتقد الزبون أن الجمعيات هي مظلة آمنة لأصحاب المهن والحرف اليدوية، وهي بيت للمهن والأعمال، لكنها وكغيرها من الجهات والأعمال، تضررت منذ سنوات بسبب جائحة كورونا وبعدها العدوان على غزة. 


وأكد أن أعمال السيدات طالما تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر بما يدور بالمنطقة من أحداث، ويجب أن يتم دعمها وتوفير تمويل مادي لها لفتح مشاريع جديدة وتنشيط مشاريعها القديمة وتعزيزها وتدريبها على التسويق.


وترى رئيسة جمعية خيرية في جرش كوثر القيسي، أن الجمعيات الخيرية والتعاونية مظلة واسعة، تضم آلاف المنتجين والأسر المعوزة، وتعتمد على قطاع السياحة في عملها من حيث تسويق منتوجات للأفواج السياحية أو استقبال الزوار، أو إعداد برامج سياحية بيئية، إلا أنها تأثرت بتراجع الحركة السياحية، ولا بد من إيجاد بديل مناسب وتطوير مهارات المنتجين ومواهبهم، حتى يستمر عطاؤهم، كونهم معيلين لأسر، وهذا يتحقق من خلال دعم الجمعيات ببرامج تدريبية شاملة لأعضائها لتطوير مهاراتهم ومواهبهم وتنميتها

.
وأضافت أن الجمعيات لا تتوفر فيها إمكانيات مادية لتبني هذه البرامج، إلا إذا دعمتها الجهات المختلفة، وزودتها ببرامج مدربين تتناسب مع المنتج الجرشي فيها وتعزيز الخطط والدراسات التي تضمن تسويق المنتج، بعد تطوير المنتجين والتشبيك مع شركات ومؤسسات تحتاج إلى هذه المنتجات وتسوقها على مستوى عال، لاسيما وأن العاملين في الجمعيات غير قادرين على التعامل مع هذه البرامج من دون مساعدة، وهم عاجزون عن تطوير مهاراتهم التي ما تزال بدائية وغير مناسبة مع ثورة التغيرات والتحديثات في مختلف الأعمال والمهن.

 

اقرأ أيضا:

"ورق العنب" بالأغوار.. مشاريع محفوفة بتحديات التسويق