عمال بالكرك: كيف نهتم بعيد العمال وحقوقنا ضائعة وأجورنا لا تسد الرمق؟

عمال مياومة يعملون بقطاع الإنشاءات في الكرك-(الغد)
عمال مياومة يعملون بقطاع الإنشاءات في الكرك-(الغد)

 لا يعبأ الشاب بلال صاحب الثمانية عشر ربيعا، بمعرفة أول أيام الشهر من آخره، حتى أن أيام الأسبوع لا تعني له شيئا، فرزنامة حياته، تملؤها ساعات العمل اليومية التي يقضيها كعامل مياومة في إحدى مقاهي الكرك بأجرة 8 دنانير، بينما يغيب عنها مفهوم العطلة.

اضافة اعلان


في سؤال بلال عن ماذا يعني لك الأول من شهر أيار (مايو)، أجاب بعد ابتسامة لطيفة، "أيار هو الشهر الخامس بالسنة"، ثم قال "جوابي صحيح، هل سأحصل على جائزة".  


حال بلال الذي بدا أنه لا يعرف عن الأول من أيار شيئا، وإن علم فهو لا يعني له شيئا، كحال مئات عمال المياومة في الكرك، ممن لا يملكون حتى ترف التفكير في أخذ إجازة مستحقة ليوم واحد، إذ يعني ذلك بالنسبة لهم "يوم بلا دخل".


"صفر إجازات"، واقع يعيشه العديد من عمال المياومة، مجبرين على قبوله، وسط غياب الخيارات، في ظل اعتمادهم على الأجرة اليومية، بينما أوضاعهم الاقتصادية صعبة، لا تسمح لهم بالاستغناء عن أجرة يوم واحد، مجسدين بشكل حرفي مقولتهم الشعبية "اشتغلت أكلت.. ما اشتغلت جعت".             
يقول عمال مياومة، سواء من العمالة المحلية أو الوافدة، إن ظروفهم الصعبة وتردي أحوالهم الاقتصادية، واعتمادهم على أجرة العمل اليومي، لا تسمح لهم بالتفكير في أي عطلة، حتى لمجرد يوم واحد بالأسبوع.


وفي حالة من التندر، يسخر عاملون من جدوى الاحتفال بعيد العمال، الذي يصادف في الأول من أيار (مايو) من كل عام، في ظل نقص حقوقهم العمالية، وسط ظروف معيشية صعبة للغاية.


ولفتوا إلى عدم قدرتهم على توفير أبسط الاحتياجات الضرروية لأبنائهم، نتيجة تدني دخلهم، الذي يصل مجموعه في بعض الأحيان إلى أقل من 200  دينار شهريا، موضحين أن عملهم بالقطاع الخاص، والعديد من أصحاب العمل، لا يلتزمون بأي حقوق عمالية، من قبيل التأمين الصحي، والأجر المستمر، والضمان الاجتماعي.


وكان مئات الشبان في المحافظة ولسنوات قريبة، يعملون على نظام المياومة في مؤسسات رسمية وغير رسمية، قبل أن يتم تحويل أعداد كبيرة منهم إلى نظام العقود الدائمة السنوية. في حين ما زال بعضهم ينتظر التثبيت، وخصوصا، العاملين في بلديات المحافظة ومؤسسات رسمية أخرى.


ولا يختلف حال الكثير من العمال في قطاعي الإنشاءات والزراعة الذي يضم عمالة محلية ووافدة، عن غيرهم من العمال بالمياومة في قطاعات مؤسسية، إن لم تكن أوضاعهم أصعب.


فبين ظروف عمل صعبة وشاقة وساعات عمل طويلة وأجور متدنية من حيث أنها لا تكفي لسد احتياجاتهم اليومية، إلى التزامهم الصمت وعدم الشكوى خوفا من استغناء صاحب العمل عنهم، في حين أن طلب إجازة ليوم واحد أمر اختياري، ولكنه مشروط بعدم دفع أجرة ذلك اليوم.


وتقدر إحصاءات صادرة عن مجلس محافظة الكرك، أن المحافظة يعمل فيها قرابة 12684، عامل وافد يشكلون ما نسبته  3.9 % من إجمالي عدد العمالة الوافدة في المملكة، في حين يؤكد الناطق الاعلامي لوزارة العمل محمد الزيود أن عدد تصاريح العمل سارية المفعول في محافظة الكرك حتى نهاية شهر نيسان (ابريل) من العام الحالي، بلغ 7674 تصريحا.


وأشار إلى أن تصاريح العمل الصادرة من الوزارة موزعة على عدة قطاعات في المحافظة، وهي قطاعات الزراعية والإنشاءات والتعدين والنقل والتخزين.


في حين تقوم كوادر مديرية العمل بالمحافظة بجولات تفتيشية يومية على مواقع العمل للتأكد من حصول العمال على تصاريح العمل وتحقيق شروط العمل القانونية.


ويتساءل العامل بالمياومة في قطاع الإنشاءات عويس شاهين، "كيف للعاملين بالمياومة أن يحتفلوا بعيد العمال العالمي، وهم ليس بمقدروهم حتى التوقف عن العمل في هذا اليوم، لأنه يشكل نقصا في الدخل والأجر الذي يحصل عليه العامل من صاحب العمل؟".


وتابع: "عمال المياومة في العديد من القطاعات الخاصة، لا يحصلون على أجرهم اليومي في يوم العطلة، وحتى وإن كانت عطلة رسمية بموجب قرار حكومي".


وأكد أن العاملين بالمياومة يتطلعون إلى أن يكونوا جزءا من القطاع العمالي، الذي يكون محميا بموجب الاجراءات والقانون، من حيث الحصول على حقهم بالإجازات مدفوعة الأجر، وإلزام صاحب العمل بدفع الأجور المناسبة، وضمان حقهم بالاحتفال باليوم العالمي للعمال كباقي العمال بالعالم.


وأشار إلى أن غالبية العاملين لا تعنيهم الاحتفالات التي يعيشها العالم كله في يوم العمال العالمي.
وأكد أن ظروف العمال صعبة، وخصوصا في ظل ضعف تحصيلهم العلمي، حتى أن بعضهم لا يجيد القراءة والكتابة، ما يعني عدم قدرته على معرفة حقوقه.


عامل المياومة في تنظيف الحدائق والحقول وغيرها من خدمات المنازل الشاب أيمن علي، يقول إنه ولأسباب عديدة، لم يكمل دراسته وتعليمه، ويعمل على رعاية الحدائق والبساتين وتنظيف المنازل، مقابل الحصول على أجر لا يمكنه من شراء احتياجات أسرته.


ويتابع: "الاحتفال بالعيد العالمي للعمال، لا يعني لي شيئا، لا من قريب ولا من بعيد، لأن توقفي عن العمل ليوم واحد، يعني عدم قدرتي على شراء الخبز وغيره من احتياجات أسرتي في ذلك اليوم".
ويتساءل ساخرا، "ماذا تفعل أسرة مكونة من خمسة أفراد بمبلغ 200 دينار شهريا، وهو متفاوت بعض الأحيان حسب توفر العمل"، مؤكدا أن هذا الدخل لا يكفي لأجرة المنزل وشراء أبسط الحاجات الأساسية لمدة أسبوعين فقط، قائلا "كيف يمكن لنا أن نحتفل بعيد العمال بعد ذلك؟".


ويؤكد الناشط العمالي أمجد الحجايا، أن احتفال العمال وخصوصا العاملين بالمياومة، بعيد الأول من أيار (مايو) ليس له معنى في ظل عدم حصولهم على كامل حقوقهم العمالية، وخصوصا في قطاعات العمل الخاصة، ومنها قطاعات الزراعة والإنشاء وغيرها، من القطاعات التي تشغل الأعداد الكبيرة من العمالة اليومية.


وأشار إلى أن غالبية العاملين بالمياومة في الفترة الحالية غير قادرين على الإيفاء بالتزاماتهم تجاه أسرهم، وبالكاد يوفرون أبسط الاحتياجات الضرورية من غذاء ولباس وبقية الاحتياجات الضرورية الأخرى.


بالعودة إلى الشاب بلال، فإن العيد الحقيقي للعمال كما يراه هو توفير ظروف عمل صحية لهم، وادخالهم في دائرة الأمان الوظيفي، وزيادة رواتبهم المتدنية التي أصبحت لا تعني شيئا، واحترام ساعات العمل اليومية وغيرها من الحقوق العمالية.

 

اقرأ أيضا:

  مع عودة انتشارها.. بلدية الكرك تتوعد العرائش والأكشاك المخالفة